العناوين:

ترامب والعقوبات على ايران

الاتحاد برس :

 


ترامب والعقوبات على ايران


 


عدنان علامه


 


إن التوتر الذي شهدته وتشهده المنطقة والتي كادت ان تشعل حرباً لا يعرف أحد مداها الزمني والمكاني سببه جنون عظمة ترامب وغطرسته الذي انسحب من الإتفاق النووي وبدأ يفرض عقوبات أحادية خارج إطار أي قانون دولي أو حتى منطقي وآخر هذه العقوبات هدفها محاولة المس بهيبة وشخصية وموقعية المرشد القائد سماحة السيد علي الخامنائي، ومنع وزير الخارحية محمد جواد ظريف من القيام بواجباته في المحافل الدولية في أمريكا .


 


لذا وجدت من الضروري جداً وضع النقاط على الحروف في جولة أفق سريعة على الإتفاق النووي والآلية التي تحكمه بعد إنسحاب أمريكا، والرأي القانوني  حول  العقوبات.


 


1- لمحة موجز عن الإتفاق النووي . 


 


توترت العلاقة بين إيران والغرب على خلفية برنامجها النووي، ودخل الطرفان في سلسلة مفاوضات، وبينما كانت طهران تؤكد على سلمية برنامجها النووي. شككت العواصم الغربية في سلمية البرنامج، واتهمت طهران بالسعي للحصول على سلاح نووي.


 


 وأبرم الاتفاق في 14 تموز 2015 في فيينا بعد أزمة دامت 12 عاما ومفاوضات حثيثة امتدت طوال 21 شهرا بين ايران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن وهي الولايات المتحدة والصين ٧وروسيا وفرنسا وبريطانيا، بالاضافة إلى المانيا وبضمانة مجلس الأمن.


 


وتضمن الاتفاق الأولي في مجمله تعليق أكثر من ثلثي قدرات التخصيب الإيرانية الحالية، ومراقبتها لمدة عشر سنوات ونقل مخزون إيران من اليورانيوم المخصب للخارج، وتخفيض أجهزة الطرد المركزي.


 


2- إنسحاب أمريكا من الإتفاق النووي


 


في 8 مايو 2018، انسحبت الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة. وفي بيان مشترك ردًا على الانسحاب الأمريكي، أبرز قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يؤيد الاتفاق النووي ما زال «إطارًا قانونيًا دوليًا ملزمًا لحل النزاع".


 


وبدأ ترامب بفرض عقوبات آحادية على إيران خارج إطار القانون الدولي للضغط عليها وسط صمت مجلس الأمن والدول الموقعة على الإتفاق وآمل التدقيق في البيان  المشترك الذي أصدرته فرنسا والمانيا وبريطانيا حول مرجعية مجلس الأمن في حل النزاعات.


 


ونتيجة لصمت مجلس الأمن المريب وعدم تدخله لردع غطرسة ترامب، قدمت إيران في 16 يوليو 2018 شكوى أمام محكمة العدل الدولية ضدّ الولايات المتحدة احتجاجا على إعادة فرض عقوبات أميركية عليها بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. واتهمت إيران خلال الشكوى الولايات المتحدة بأنها تفرض «حصارا اقتصاديا» بموجب إعادة العقوبات الاقتصادية عليها. نظرت محكمة العدل الدولية في 27 أغسطس 2018 الدعوى واستمرت الجلسات الشفهية، التي طلبتها إيران بشكل أساسي من أجل إصدار حكم مؤقت. وفي 3 أكتوبر 2018 أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها في الشكوى وأمرت الولايات المتحدة برفع العقوبات التي تستهدف السلع «ذات الغايات الإنسانية» المفروضة على إيران، كما أمرت ألا تؤثر العقوبات على المساعدات الإنسانية أو سلامة الطيران المدني. 


 


ونتيجة لسياسة حافة الهاوية التي يعتمدها ترامب كادت الأمور تنزلق إلى حرب مفتوحة الزمان والمكان. فافتعلوا تفجير ناقلات النفط في ميناء الفجيرة ولاحقاً في خليج عمان للإيحاء بأن إيران هي وراء عمليات التفجير لفرض المزيد من الضغوطات عليها. 


 


فترامب وإدارته وضعوا هدفاً واحداً  وهو إلزام إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات معه شخصياً للتفاوض مجدداً حول الأتفاق النووي والصواريخ البالستية . ونتيجة لإلتزام إيران الشرعي والقانوني والمنطقي والأخلاقي فمن المستحيل التفاوض مع شخص نقض إتفاقاً دولياً بوجود شهود وبضمانة مجلس الأمن. وبناءً على المنطق الفرعوني  الذي يتمتع به ترامب؛ قرر الهروب إلى  الأمام بفرض المزيد من الضغوطات لجر إيران إلى مفاوضات تحت الضغط (آمل التدقيق في السرد القرآني لقصة فرعون ). وهكذا تحولت المسألة من مسألةسياسية إلى مسألة عزة المؤمنين  وكرامتهم. وهذا الموقف لم ولن يفهمه ترامب . قال  الله سبحانه وتعالى {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (المنافقون-8).


 


ولا يزال ترامب يدعي بأن العقوبات هي لمنع إيران من الحصول  على السلاح  النووي. وصرح بولتون أيضا بفرض المزيد من الضغوطات؛ فقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، الثلاثاء الماضي، إنه يعتقد أن العقوبات والضغوط التي تمارسها واشنطن على النظام الإيراني ستدفع به إلى طاولة المفاوضات.


 


وأضاف بولتون في مؤتمر صحفي في ختام القمة الأمنية الثلاثية التي جمعت كل من إسرائيل وروسيا والولايات المتحدة في القدس، أن طهران لا تظهر حاليا جدية بالشأن الحل الدبلوماسي، لكن العقوبات ستدفعها في نهاية المطاف إلى إجراء الحوار مع أميركا.


 


إن إدعاءات ترامب ليست سوى لش٧د العصب اليميني لإعادة إنتخابه لفترة رئاسية أخرى على حساب تهديد الأمن والسلام الدوليين .


 


لا يحق لترامب أن يحدد من يحق له استعمال التكنولوجيا النووية للأغراص السلمية أو لا . فالوكالة الدولية للطاقة الذرية تراقب بشكل دقيق البرنامج النووي . وهي تؤكد بأن إيران ملتزمة كلياً ببنود الإتفاق النووي . وأمام صمت مجلس الأمن والأطراف الموقعة على الإتفاق  أبلغت إيران جميع الأطراف بأنها ستخرج من الإتفاق النووي بعد إتخاذ خطوات تصاعدية في انتاج اليورانيوم المخصب .


 


 وقالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية اليوم: غداً ينتهي الموعد النهائي لإنهاء إنتاج اليورانيوم المخصب عند حدود الـ 300 كلغ. وأضافت سنزيد غداً سرعة تخصيب اليورانيوم في مفاعل نطنز النووي. وأردفت الوكالة : إذا أراد الأوروبيون وقتاً لتنفيذ تعهداتهم في الاتفاق فإما أنهم لا يريدون او لا يستطيعون.


 


وقد أكد السيد خامنائي أن الأمة الإيرانية لن تتراجع في مواجهة الضغوط الأميركية والعقوبات القاسية والإهانات.


 


وهذا الموقف الحاسم لسماحة السيد القائد سيدفع  بترامب إلى الجنون واتخاذ إجراءات تصعيدية جديدة في المنطقة وقانا الله شرها.  


 


وإن غداً لناظره قريب