الاتحاد برس :
عبدالباري عطوان: الاتحاد برس
هل ألغت إيران “شُرطة الأخلاق” فعلًا عن قناعةٍ أم كمُناورةٍ لامتِصاص غضب الاحتِجاجات وإجهاضِها؟ وهل ستتوقّف “المُؤامرة” الأمريكيّة لإسقاط النظام بتوقّفها؟ وماذا عن “السّابقة” السعوديّة بإلغاء الحِجاب؟
فاجأ السيّد محمد جعفر منتظري المُدّعي العام في إيران الرأي العام في بلاده بالتّلويح بحلّ شُرطة الأخلاق التي أشعلت باعتقالها الفتاة مهسا أميني، لمُخالفتها قانون اللّباس (خلعت الحجاب)، قبل ثلاثة أشهر، احتجاجات شعبيّة صاخبة أدّت حتّى الآن إلى مقتل 470 مُحتَجًّا 61 من بينهم من رجال الأمن واحتجاز الآلاف في السّجون، وزعزعة استِقرار إيران في هذا التّوقيت الحَرِجْ الذي تتعاظم فيه التّهديدات الإسرائيليّة والأمريكيّة بغزوها.
مصدر المُفاجأة أن هذه “القُنبلة المُنتظريّة” التي تُشكّل نسفًا لواحدةٍ من أهم قيم وقواعد الثورة الإسلاميّة، ودُستورها، لم تكن مُتوقّعة بهذه السّرعة، ولهذا اختلفت حولها الآراء، فالبعض اعتبرها تراجعًا من قبل السّلطة عن قانون فرض الحجاب بالقُوّة، لوجود شخصيّات مُؤثّرة داخِل النظام تُؤيّدها، أم؟ا البعض الآخر فيُشَكّك فيها ويعتبرها مُناورةً لامتِصاص غضب الشّارع الإيراني ووضع حدٍّ للاحتِجاجات المُتفاقمة الحاليّة، وبدأت تنعكس سلبيًّا على أمن البِلاد واستِقرارها، وفتح المجال بتقديم المُبرّر للتدخّلات الخارجيّة في الشّأن الدّاخلي الإيراني، والأمريكيّة على وجه الخُصوص.
لا نعتقد أن حديث السيّد منتظري المدعي العام حول حل شُرطة الأخلاق “مُناورة” فمِثل هذا القرار لا يُمكن أن يصدر عنه، دون ضُوء أخضر، من السّلطات التشريعيّة والتنفيذيّة العُليا في البِلاد فأبواب الاجتِهاد ليست مُشرَعةً على مِصراعيها أمام اجتِهادات فرديّة في دولة مِثل إيران خاصَّةً في القضايا الدينيّة الحسّاسة المُوثّقة في دُستور الثّورة الذي وضعته المَرجعيّة الخُمينيّة قبل أربعين عامًا.
تيّار التّحديث داخل المُؤسّسة الحاكمة الإيرانيّة موجود، وبدأ يستعيد قُوّته مجددًا، وبضَغطٍ من أجل إحداث إصلاحات تتماشى مع لغة العصر وتتجاوب مع تطلّعات الجيل الشّاب الجديد، والاعتِراف بقُوّة وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيراتها وتحطيمها للكثير من السّدود الرقابيّة في مُختلف أنحاء العالم، وكان لافتًا أنّ أيّ من الرؤساء الإيرانيين السّابقين لم يُدن هذه الاحتِجاجات، وإن كان لم يُؤيّدها علنًا.
ad