العناوين:

عبدالباري عطوان : كلنا (سادة)، كلنا (أقيال)

الاتحاد برس :

عبدالباري عطوان : كلنا (سادة)، كلنا (أقيال) !


 


 


 


 


 


عبدالباري عطوان ..الاتحاد برس - متابعات اعلاميه 


 


 


 


كلنا (سادة)، كلنا (أقيال) !


سأقولها بكل صراحة أنني في حقيقة الامر لا أخاف على اليمن من العدوان وأطماعه، فالعدوان مهما طغى وبغى حتماً سينتهي يوماً وتتبدد كل أحلامه وأطماعه، كما أنني لا أخاف عليه كذلك من الإحتراب والإقتتال الداخلي الحاصل اليوم، فالحرب بلا شك ستضع أوزارها يوماً وسيلتقي الأخوة الفرقاء ويجلسون على طاولةٍ واحدة ويتصالحون !


انا لا أخاف عليه أيضاً من اتساع دائرة البطالة والفقر ولا من انقطاع الرواتب مثلاً أو انعدام الخدمات الأساسية ولا من أي شئٍ من هذا القبيل، فهذه مشاكل وإن تفاقمت واستفحلت في الأول والأخير يمكن معالجتها وتجاوزها أو حتى التقليص من حدتها وكبح جماحها إذا ما استقر الأمر واستتب الأمن وذلك عن طريق القيام ببعض الإصلاحات والإجراءات اللازمة في هذا الخصوص!


إنا في الحقيقة لا أخاف على اليمن إلا من تداعيات وآثار ما يجري اليوم من عملية الاستهداف الغير مبررة الذي يتعرض له النسيج الإجتماعي اليمني والرامية إلى تمزيقه والعبث بفسيفسائه المتنوعة الفريدة والتي ما فتأ الكثيرون من الحمقى يوججون نارها ويذكون جدوتها من خلال مواقفهم المتشنجة أو كتاباتهم ومداخلاتهم المتوترة في أكثر من مكانٍ ومقام سواءً على وسائل التواصل الإجتماعي أو من خلال المنابر والمحافل الإعلامية الأخرى. 


فقط يكفي أن يقوم أحدهم بتنزيل منشورٍ أو تغريدةٍ واحدةٍ في فيس بوك مثلاً أو تويتر أو أي وسيلةٍ متاحةٍ أخرى يتعرض من خلالها خبثاً ولؤماً لشريحةٍ مجتمعيةٍ معينةٍ مثلاً أو بيتٍ أو عصبةٍ أو فئةٍ أو جماعةٍ أو حتى منطقة ولك أن تتخيل بعدها ماذا سيحدث ؟


أعدادٌ مهولةٌ من الناس الذين طبعاً لا يقل مستوى تفكيرهم انحطاطاً عن مستوى تفكير صاحبنا هذا سيبدأون على الفور معركةً تلاسنيةً ضاريةً لا يدعون فيها قبيحةً ولا ذميمةً واحدةً إلا وتراشقوا بها بلا هوادةٍ ولا مراعاةٍ لأي خطوطٍ حمراء أو زرقاء أو حتى بنفسجية . ليس هذا فحسب، بل أن البعض لن يتردد وبضغطة زر في نقل المعركة هذه إلى ساحاتٍ ومحافل ومنابر اخرى وذلك بالقيام بإعادة تدوير ونشر هذا الكلام في مواقع شتى لينتهي الامر وقد اشتعلت الدنيا وعجت بكل انواع الأحقاد والكراهية والبغضاء!


معاركٌ ومعاركٌ وهجماتٌ وهجماتٌ مضادة في كل مكانٍ يشترك فيها جميع الحمقى مستخدمين لذلك طبعاً كل أنواع الألفاظ والعبارات التي لا تخلو من مفردات اللعن والسب والتجريح والتخوين والطعن في الأحساب والانساب والانتماءات وغيرها !


لا والطامة الكبري (أيش) ؟!


أنك تجد الكثيرين ممن يفترض أنهم من النخب المتعلمة والمثقفة والذين يقع على عاتقهم مسئولية محاربة مثل هكذا سفه وطيش منخرطين في هذا الأمر بكل طمئنانيةٍ وأريحية فلا يغادرون موضوعاً فيه دائماً إلا وقد تركوا وراءهم لانفسهم إسهاماتٍ وبصماتٍ بارزةٍ لا تقل بشاعةً وحمقاً عن ما يرتكبه ويقترفه أولئك العاهات والحمقى ! 


والمحصلة في النهاية ماذا ؟


خناجرٌ مسمومةٌ تُغرس كل آنٍ وحين في خاصرة النسيج الإجتماعي اليمني لا تقل جرماً عن الحرب والعدوان بل أنها أنكأ جرحاً وأبلغ اثرا !


لماذا وكيف؟ ولأجل من كل هذا السَفَه ؟!


وأي قضيةٍ وطنيةٍ ساميةٍ يحمل هؤلاء ؟!


وهل يحمل قضيةً وطنيةً أصلاً من لا شغل له سوى إحياء النعرات وبث سموم الاحقاد والفرقة وضرب الاحساب بالاحساب والأنساب بالأنساب لا لشئ إلا محاولةً منهم فقط لتسجيل حضورٍ هنا أو هناك لا أقل ولا أكثر ؟


ساحات القتال مفتوحة على أشدها، يعني ليست مغلقة في وجه أحد، فليختر من أراد أن يقاتل لنفسه الساحة التي يريدها وليذهب ويقاتل هناك برجولةٍ وشرف بدلاً من أن يظل متمترساً خلف أحدى وسائل التواصل الإجتماعي يصب جم غضبه وحقده كل يوم على ما تبقى لنا من عرى ووحدة وتماسك هذا النسيج الإجتماعي اليمني المتهتك أصلاً !


حقيقةً مأسآة ! وأي مأسآة ؟


أإلى هذا المستوى من الانحطاط الوطني والإنساني وصل بنا وبهؤلاء الأمر للأسف الشديد ؟!


ألسنا كلنا سادةً وأقيالا هاشميين وقحطانيين شماليين وجنوبيين أبناء وطنٍ واحدٍ وشعبٍ واحدٍ ودينٍ واحدٍ وعرقٍ واحدٍ وجدٍ واحدٍ كذلك ؟


فمن أعطى الحق لمثل هؤلاء الحمقى أن يصنفونا ويشكلونا بحسب أهواءهم وعقلياتهم المريضة القاصرة أقواماً وأجناساً وألوانا وكيفما يشآؤن ؟


من منحهم الفرصة ليرسموا لنا ولاجيالنا ملامح وسمات علاقاتنا البينية كيمنيين مع بعضنا البعض على أسسٍ عنصريةٍ ومناطقيةٍ وإثنيةٍ بغيضة ؟


من ومن ومن يا تُرى؟!


والله أستحي أن أذكر هنا بعضاً مما رأيت وقرأت من هذه التفاهات والسخافات والتجاوزات المفرطة مما يتقوله هولاء ويتفوهون به !


يكفي أن وصل بأحدهم الأمر وكإعلان موقفٍ منه تجاه فئةٍ معينةٍ أن تطاول على النبي (ص)، وآخرون مثله يتطاولون إما على آل بيته الأطهار أو أصحابه الأخيار !


فعلاً واقعً يندى له الجبين للأسف الشديد كم نحن في غنى عنه اليوم وكل يوم !


فمتى يستشعر العقلاء من كل الاخوة الفرقاء المتصارعين اليوم حساسية وخطورة هذا الأمر ومتى يدركون ماذا يعني أن يُضرب النسيج الإجتماعي اليمني ويُصَاب في مقتل بفعل ما يقوم به هولاء من إشاعته وترويجه زوراً وبهتاناً جهاراً ونهارا وعلى رؤوس الأشهاد والملأ ؟


لم يعد هنالك متسعٌ من الوقت للصمت أكثر، فإذا لم يسارعوا ويتحركوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى لنا من هذا النسيج الإجتماعي، على الأقل أن يقوم كل طرفٍ بكبح جماح من يظنون أنهم محسوبون عليهم من هولاء الناعقين وإخراس أفواههم وأقلامهم، ما لم فعلينا جميعاً وعلى اليمن السلام، فالأوطان لا تقاس مكانتها ودرجة احترامها إلا بمدى تماسك وقوة نسيجها الإجتماعي أو كما يقولون .


فهلا أخبرتهم بذلك أستاذنا عبدالباري عطوان ؟


اللهم بلغت .. اللهم فأشهد.