العناوين:

التنافس السعودي الإيراني في نيجيريا

الاتحاد برس :

التنافس السعودي الإيراني في نيجيريا
.
.
.
.
عندما يفكر الناس في المنافسة السعودية الإيرانية، فإن مسارح الصراع الشرق الأوسط مثل اليمن أو سوريا هي التي تتبادر إلى الذهن، لكن التنافس تجاوز المنطقة المحيطة، ليصل إلى نيجيريا البعيدة عن كل من السعودية وإيران، والموجودة على هامش مصالحهما الأمنية.


التشيع في نيجيريا


كان آخر مظهر على ذلك ما حدث في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، عندما أطلق الجيش النيجيري النار على أعضاء الحركة الإسلامية في نيجيريا، وهي جماعة شيعية لها علاقات مع إيران، مما أسفر عن مقتل قرابة 50 شخصًا خلال مظاهرة في العاصمة أبوجا.


ويقول الجيش، الذي تلقى الدعم العسكري من السعودية، إنه كان يرد على هجوم من الحركة الإسلامية على قوات الأمن بالعصي والحجارة في محاولة لتجاوز الحاجز، ولكن الحركة تصر على أن الاحتجاج كان سلميًا.


لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الجيش النيجيري القوة ضد الجماعة، ففي ديسمبر / كانون الأول 2015، هاجم الجيش منزل مؤسس الحركة "إبراهيم زكزاكي" في زاريا، واعتقله وقتل ما يقرب من 350 من أتباعه الشيعة، وتدعي الحكومة أن "زكزاكي"، الذي لا يزال في الحجز، كان يخطط لاغتيال مسؤول بالجيش النيجيري.


يمثل السكان المسلمون في نيجيريا حوالي نصف سكان البلاد، وغالبيتهم من السنة، ويبقى الشيعة أقل عدداً بكثير.


ومن بين إجمالي عدد السكان البالغ 190 مليون نسمة، يبلغ عدد الشيعة النيجيريين ما بين 3 إلى 10 ملايين شخص، مركزين في ولايات نيجيريا الشمالية، والغالبية العظمى منهم أعضاء في الحركة الإسلامية في نيجيريا وهي المنظمة التي أسسها "زكزاكي" لنشر الإسلام الشيعي داخل بلده بعد أن سافر إلى إيران ليصبح رجل دين شيعي، مستلهماً روح ثورة 1979.


في ذلك الوقت، لم يكن لدى نيجيريا أي شيعة تقريباً، وكانت الحركة مسؤولة عن تحويل جميع الشيعة الحاليين في البلاد تقريباً من الإسلام السني على مدى العقود التالية.


ترفض الحركة - مثل الزعماء الإيرانيين الثوريين - الحكم العلماني وتسعى إلى إقامة دولة إسلامية في شمال نيجيريا، ولهذا السبب، تعتبر الحكومة النيجيرية المجموعة تهديدًا، وهي تراها أقرب إلى جماعة "بوكو حرام" من كونها جماعة معارضة سلمية.


وعلى الرغم من أن الحركة تدعي أنها حركة سلمية ولا تتمرد بنشاط ضد الحكومة، فقد هدد قادتها بالعنف إذا استمرت الهجمات على احتجاجاتها، وليس من الصعب تخيل قيام الجماعة بشن تمرد إذا ما تم قتل "زكزاكي" - الذي لا يزال زعيما الحركة - والمحكوم عليه بالإعدام.


على الرغم من التأثير الواضح لإيران في إيديولوجية تأسيس الحركة، إلا أنه من غير الواضح مستوى الدعم الذي تقدمه لها حاليًا، وسيكون من المنطقي أن يكون الدعم في أدنى حد ممكن له، فإيران مشغولة بما يكفي في الداخل، مع ارتفاع التضخم وضعف الريال الإيراني، وقلاقل المتمردين الأكراد والسنة في مناطقها الغربية والشرقية، والهجمات الإسرائيلية على طرق الإمداد الخاصة بها في سوريا، والعقوبات النفطية، وكلها أمور تضغط على ميزانيتها المضغوطة بالفعل.


ولكن بغض النظر عن مستوى تورط إيران مع الجماعة، فقد اهتمت السعودية بتشجيع الحكومة النيجيرية على كبح نشاط الحركة، فالدولتان تتنافسان على النفوذ في أي مكان رغم كل شئ.


ولدى السعودية، التي تعد راعية المسلمين السنة في جميع أنحاء العالم، منظمة صديقة خاصة بها في نيجيريا هي جمعية "إزالة" التي تأسست في عام 1978 بدعم من السعودية لنشر النسخة الخاصة بالمملكة من السلفية في معارضة التصوف السني، وتعد هذه الجمعية مروجة نشطة لمدرسة الرياض الخاصة في الإسلام، وهي مؤثرة على مستويات متعددة من الحكومة، لكن في حين أن السعودية تكتسب تأثيرها عبر دبلوماسية قائمة على المساعدات الاقتصادية حيثما أمكن، فإن دعمها لنيجيريا منخفض مقارنة بما تنفقه في أماكن أخرى.


في وقت سابق من هذا العام، أرسلت السعودية للحكومة النيجيرية ما يقدر بـ 10 ملايين دولار من المعدات العسكرية والمساعدات للنازحين داخليًا، وهو مبلغ ضئل مقارنة بالاستثمارات التي تزيد قيمتها عن 11 مليار دولار قدمتها السعودية للسودان في السنوات الأخيرة (بما في ذلك مليار دولار مدفوعة في عام 2015 مقابل تحول السودان من الولاء من إيران) أو حتى بالمليارات التي تنفقها سنوياً لمحاربة النفوذ الإيراني في اليمن.